❞ كتاب شهداء انتفاضة الأقصى ❝  ⏤ أحمد محمود محمد القاسم

❞ كتاب شهداء انتفاضة الأقصى ❝ ⏤ أحمد محمود محمد القاسم

وقعت حادثة قتل الصبي محمد الدرة في قطاع غزة في الثلاثين من سبتمبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. والتقطت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان المراسل بقناة فرنسا 2 مشهد احتماء جمال الدرة وولده محمد البالغ من العمر اثنتي عشرة عامًا، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية.

وعرضت هذه اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، وبعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه. وبعد تسع وخمسين ثانية من البث المبدئي للمشهد في فرنسا، بتعليق صوتي من رئيس مكتب فرنسا 2 بإسرائيل، شارل إندرلان، الذي لم يشاهد الحادث بنفسه، ولكنه اطلع على كافة المعلومات المتعلقة به، من المصور عبر الهاتف، أخبر إندرلان المشاهدين أن محمد الدرة ووالده كانا "هدف القوات الإسرائلية من إطلاق النيران"، وأن الطفل قد قتل. وبعد التشييع في جنازة شعبية تخلع القلوب، مجّد العالم العربي والإسلامي محمد الدرة باعتباره شهيدًا.

في بادئ الأمر، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحمّلها المسؤولية، كما أبدت إسرائيل في البداية، أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية. وذكر ثلاثة من كبار الصحفيين الفرنسيين الذين شاهدوا لقطات خام في عام 2004، أنه لم يتضح من اللقطات وحدها أن الصبي لقي حتفه، وأن قناة فرانس حذفت عدداً قليلاً من الثواني الأخيرة، والتي يظهر فيها الصبي وهو يرفع يده عن وجهه.

وفي عام 2005، صرّح رئيس تحرير غرفة الأخبار بالقناة أنه لا يمكن لأحد أن يحدد على وجه اليقين من الذي أطلق النيران، ولكن ذهب معلقون آخرون من بينهم مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي إلى القول أن المتظاهرين الفلسطينين قاموا بتنظيم هذا المشهد. وبعد إجراءات قانونية مطولة، أُدين فيليب كارسنتي، المعلق الإعلامي الفرنسي، بالتشهير بقناة فرانس2، واتهامها بالتلاعب في مادة الفيلم.

حازت لقطة الصبي ووالده على ما أطلق عليه أحد الكتاب "قوة راية المعركة". وطبقًا لما ذكره جيمس فالوز فإن "أقسى إصدار" للقضية من الجانب العربي هو أنه يثبت فرية الدم القديمة، في حين أن "أقسى إصدار" من الجانب الإسرائيلي هو أنه يثبت استعداد الفلسطينيين للتضحية بأطفالهم عمدًا حتى ولو في حرب معادية للصهيونية.

وقد أدى هذا المشهد إلى سقوط قتلى آخرين. وأنحي باللائمة عليه في إعدام اثنين من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي في رام الله، في أكتوبر 2000، وظل سببًا محفورًا في خلفية العالم، عندما أطاحت القاعدة برأس الصحافي الإسرائيلي-الأمريكي دانيال بيرل، في عام 2002 كتب جيمس فالوز أنه لن تظهر أيه نسخة حقيقية بشأن اللقطات، تصدق بها جميع الأطراف.

وأطلق تشارلز إندرلان على ذلك "المنظور الثقافي"، الذي يرى خلاله المشاهدون ما يروق لهم رؤيته. أصدرت محكمة الاستئناف بفرنسا حكمها النهائي في قضية التشهير بالقناة الفرنسية في 26 يونيو 2013، حيث أدانت كارسنتي بالتشهير وألزمته محكمة الاستئناف في باريس بدفع غرامة قيمتها 7.000 دولار.

وجاء الحكم النهائي للمحكمة الفرنسية برفض إصدار كارسنتي، الذي وصف فيه مقتل محمد الدرة بأنه "عملية نظمها المتظاهرون الفلسطينيون".

جمال من مواليد 1966، عاش مع زوجته أمل وأطفالهما السبعة في مخيم البريج للاجئين الذي تديره الأونروا في قطاع غزة. وكان جمال نجارًا ومصممًا للمنازل، وكان يعمل مع موشيه تمام، وهو مقاول عام إسرائيلي، لمدة 20 عامًا. جاءت الكاتبة الإسرائيلية هيلين سكاري موترو للتعرف عليه عندما وظفته للمساعدة في بناء منزلها. وكتبت في عام 2000 عن سنواته التي قضاها وهو يستيقظ في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحًا ليلحق الحافلة إلى المعبر الحدودي في الرابعة، ثم الحافلة الثانية من غزة حتى يتمكن من الوصول إلى العمل قبل السادسة. تم إغلاق الحدود في يوم الحادث بسبب أعمال الشغب، وهذا هو سبب عدم تواجد جمال في مكان العمل. محمد وهو من مواليد 1988، كان طالبًا بالصف الخامس الابتدائي، ولكن تم إغلاق المدرسة في ذلك اليوم بسبب الاحتجاجات. وقالت والدته إنه كان يشاهد الاحتجاجات في التلفزيون ويسأل عما إذا كان يمكنه الانضمام إليها. قرّر الأب وابنه بدلًا من ذلك أن يذهبا إلى مزاد للسيارات، وذلك وفقًا لما ذكره جمال في المقابلة التي أجراها معه طلال أبو رحمة بعد يوم من إطلاق النار.

الإعلاميون
شارل إندرلان
ولد شارل إندرلان في عام 1945 في باريس. انتقل إلى القدس في عام 1968 وبسبب كونه يهودي، أصبح مواطنًا إسرائيليًا. وذكر إنه بدأ العمل بالصحافة في عام 1971، وبعد دراسة السينما والتلفزيون بدأ العمل لصالح قناة فرانس 2، وذلك في عام 1981، ليصبح رئيس مكتبها في إسرائيل في عام 1990. وهو مؤلف العديد من الكتب حول الشرق الأوسط، ويحظى باحترام كبير داخل المؤسسة الفرنسية. وهو متزوج من دانييل كريجيل، ابنة المؤرخ آني كريجيل، وابنة عم الفيلسوف بلاندين كريجيل، مساعد الرئيس السابق جاك شيراك. أثناء قضية تشهير 2006، المرفوعة ضد فيليب كارسنتي، الذي تزعم وقوع الحادث بتدبير من المتظاهرين الفلسطينيين (انظر أدناه)، استقبل إندرلان رسالة من شيراك، كتب فيها عبارات تؤكد نزاهته. وفي أغسطس 2009 تم منحه أعلى وسام في فرنسا، وسام جوقة الشرف من رتبة فارس.

كتبت الصحفية آن اليزابيث موتيه أن تغطية إندرلان للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني معرضة للانتقاد على نحو مستمر داخل إسرائيل. فهو لم ينتج فقط سلسلة وثائقية بشأن اتفاقيات أوسلو ومحادثات كامب ديفيد لعام 2000، ولكنه رتب إجراءات محادثات السلام بين الأطراف المعنية في مكتب فرانس2 باعتباره أرض محايدة. وبلغ هذا الانتقاد ذروته في عام 2008 حتى طالب مركز القانون الإسرائيلي المحكمة بإبطال أوراق اعتماده بالصحافة الإسرائيلية ولكن جاء ذلك دون جدوى. ومثلما فعل طلال أبو رحمة، أعرب إندرلان عن اندهاشه إزاء الادعاء بأن إطلاق النار كان مزيفًا.

طلال أبو رحمة
عمل طلال حسن أبو رحمة، الذي عاش في غزة، مصورًا حرًا بقناة فرانس 2 منذ عام 1988. كان يدير مكتب الصحافة الخاصة به، مركز الأخبار الوطنية في غزة، وساهم في السي إن إن من خلال مكتب الوطنية للصحافة. درس إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، وكان عضوًا في مجلس إدارة جمعية الصحفيين الفلسطينيين. حصل على عدد من الجوائز لتغطيته حادث الدرة، بما في ذلك جائزة روري بيك في عام 2001، على الرغم من أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين منعوه من السفر إلى لندن لاستلام الجائزة لأسباب أمنية. وفي عام 2008 كتب جيرار جرايزبك، مراسل فرانس2، أن أبو رحمة لم يكن أبدًا عضوًا في جماعة سياسية فلسطينية، فقد اعتقلته الشرطة الفلسطينية مرتين بسبب التقاط الصور التي لم تلق استحسان ياسر عرفات، ولم يسبق أن اتهمته إسرائيل بالانتهاكات الأمنية. واتهم دانيال سيمان، مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي، أبو رحمة في 23 سبتمبر 2007 ب"تنظيم مدبر لمشاهد العمل"، مشيرًا إلى لقطات حادثة الدرة، وفي رسالة موجهة، ذكرت قناة فرانس 2 أن هذا الاتهام كان مليئ بالافتراءات وأنصاف الحقائق. وفي عام 2001 قال طلال أبو رحمة: "وأنا صحفي محترف"، و "لن أفعل ذلك". أنا لن استخدم الصحافة لمثل هذا الغرض ... لأن الصحافة هي ديانتي. الصحافة هي جنسيتي. الصحافة هي لغتي.


من كتب التراجم و الاعلام كتاب بسيط يبدأ باهداء للشهداء ثم سرد لمفهوم الشهداء و صفاتهم ..
أحمد محمود محمد القاسم - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ شهداء انتفاضة الأقصى ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
شهداء انتفاضة الأقصى

وقعت حادثة قتل الصبي محمد الدرة في قطاع غزة في الثلاثين من سبتمبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. والتقطت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان المراسل بقناة فرنسا 2 مشهد احتماء جمال الدرة وولده محمد البالغ من العمر اثنتي عشرة عامًا، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية.

وعرضت هذه اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، وبعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه. وبعد تسع وخمسين ثانية من البث المبدئي للمشهد في فرنسا، بتعليق صوتي من رئيس مكتب فرنسا 2 بإسرائيل، شارل إندرلان، الذي لم يشاهد الحادث بنفسه، ولكنه اطلع على كافة المعلومات المتعلقة به، من المصور عبر الهاتف، أخبر إندرلان المشاهدين أن محمد الدرة ووالده كانا "هدف القوات الإسرائلية من إطلاق النيران"، وأن الطفل قد قتل. وبعد التشييع في جنازة شعبية تخلع القلوب، مجّد العالم العربي والإسلامي محمد الدرة باعتباره شهيدًا.

في بادئ الأمر، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحمّلها المسؤولية، كما أبدت إسرائيل في البداية، أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية. وذكر ثلاثة من كبار الصحفيين الفرنسيين الذين شاهدوا لقطات خام في عام 2004، أنه لم يتضح من اللقطات وحدها أن الصبي لقي حتفه، وأن قناة فرانس حذفت عدداً قليلاً من الثواني الأخيرة، والتي يظهر فيها الصبي وهو يرفع يده عن وجهه.

وفي عام 2005، صرّح رئيس تحرير غرفة الأخبار بالقناة أنه لا يمكن لأحد أن يحدد على وجه اليقين من الذي أطلق النيران، ولكن ذهب معلقون آخرون من بينهم مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي إلى القول أن المتظاهرين الفلسطينين قاموا بتنظيم هذا المشهد. وبعد إجراءات قانونية مطولة، أُدين فيليب كارسنتي، المعلق الإعلامي الفرنسي، بالتشهير بقناة فرانس2، واتهامها بالتلاعب في مادة الفيلم.

حازت لقطة الصبي ووالده على ما أطلق عليه أحد الكتاب "قوة راية المعركة". وطبقًا لما ذكره جيمس فالوز فإن "أقسى إصدار" للقضية من الجانب العربي هو أنه يثبت فرية الدم القديمة، في حين أن "أقسى إصدار" من الجانب الإسرائيلي هو أنه يثبت استعداد الفلسطينيين للتضحية بأطفالهم عمدًا حتى ولو في حرب معادية للصهيونية.

وقد أدى هذا المشهد إلى سقوط قتلى آخرين. وأنحي باللائمة عليه في إعدام اثنين من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي في رام الله، في أكتوبر 2000، وظل سببًا محفورًا في خلفية العالم، عندما أطاحت القاعدة برأس الصحافي الإسرائيلي-الأمريكي دانيال بيرل، في عام 2002 كتب جيمس فالوز أنه لن تظهر أيه نسخة حقيقية بشأن اللقطات، تصدق بها جميع الأطراف.

وأطلق تشارلز إندرلان على ذلك "المنظور الثقافي"، الذي يرى خلاله المشاهدون ما يروق لهم رؤيته. أصدرت محكمة الاستئناف بفرنسا حكمها النهائي في قضية التشهير بالقناة الفرنسية في 26 يونيو 2013، حيث أدانت كارسنتي بالتشهير وألزمته محكمة الاستئناف في باريس بدفع غرامة قيمتها 7.000 دولار.

وجاء الحكم النهائي للمحكمة الفرنسية برفض إصدار كارسنتي، الذي وصف فيه مقتل محمد الدرة بأنه "عملية نظمها المتظاهرون الفلسطينيون".

جمال من مواليد 1966، عاش مع زوجته أمل وأطفالهما السبعة في مخيم البريج للاجئين الذي تديره الأونروا في قطاع غزة. وكان جمال نجارًا ومصممًا للمنازل، وكان يعمل مع موشيه تمام، وهو مقاول عام إسرائيلي، لمدة 20 عامًا. جاءت الكاتبة الإسرائيلية هيلين سكاري موترو للتعرف عليه عندما وظفته للمساعدة في بناء منزلها. وكتبت في عام 2000 عن سنواته التي قضاها وهو يستيقظ في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحًا ليلحق الحافلة إلى المعبر الحدودي في الرابعة، ثم الحافلة الثانية من غزة حتى يتمكن من الوصول إلى العمل قبل السادسة. تم إغلاق الحدود في يوم الحادث بسبب أعمال الشغب، وهذا هو سبب عدم تواجد جمال في مكان العمل. محمد وهو من مواليد 1988، كان طالبًا بالصف الخامس الابتدائي، ولكن تم إغلاق المدرسة في ذلك اليوم بسبب الاحتجاجات. وقالت والدته إنه كان يشاهد الاحتجاجات في التلفزيون ويسأل عما إذا كان يمكنه الانضمام إليها. قرّر الأب وابنه بدلًا من ذلك أن يذهبا إلى مزاد للسيارات، وذلك وفقًا لما ذكره جمال في المقابلة التي أجراها معه طلال أبو رحمة بعد يوم من إطلاق النار.

الإعلاميون
شارل إندرلان
ولد شارل إندرلان في عام 1945 في باريس. انتقل إلى القدس في عام 1968 وبسبب كونه يهودي، أصبح مواطنًا إسرائيليًا. وذكر إنه بدأ العمل بالصحافة في عام 1971، وبعد دراسة السينما والتلفزيون بدأ العمل لصالح قناة فرانس 2، وذلك في عام 1981، ليصبح رئيس مكتبها في إسرائيل في عام 1990. وهو مؤلف العديد من الكتب حول الشرق الأوسط، ويحظى باحترام كبير داخل المؤسسة الفرنسية. وهو متزوج من دانييل كريجيل، ابنة المؤرخ آني كريجيل، وابنة عم الفيلسوف بلاندين كريجيل، مساعد الرئيس السابق جاك شيراك. أثناء قضية تشهير 2006، المرفوعة ضد فيليب كارسنتي، الذي تزعم وقوع الحادث بتدبير من المتظاهرين الفلسطينيين (انظر أدناه)، استقبل إندرلان رسالة من شيراك، كتب فيها عبارات تؤكد نزاهته. وفي أغسطس 2009 تم منحه أعلى وسام في فرنسا، وسام جوقة الشرف من رتبة فارس.

كتبت الصحفية آن اليزابيث موتيه أن تغطية إندرلان للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني معرضة للانتقاد على نحو مستمر داخل إسرائيل. فهو لم ينتج فقط سلسلة وثائقية بشأن اتفاقيات أوسلو ومحادثات كامب ديفيد لعام 2000، ولكنه رتب إجراءات محادثات السلام بين الأطراف المعنية في مكتب فرانس2 باعتباره أرض محايدة. وبلغ هذا الانتقاد ذروته في عام 2008 حتى طالب مركز القانون الإسرائيلي المحكمة بإبطال أوراق اعتماده بالصحافة الإسرائيلية ولكن جاء ذلك دون جدوى. ومثلما فعل طلال أبو رحمة، أعرب إندرلان عن اندهاشه إزاء الادعاء بأن إطلاق النار كان مزيفًا.

طلال أبو رحمة
عمل طلال حسن أبو رحمة، الذي عاش في غزة، مصورًا حرًا بقناة فرانس 2 منذ عام 1988. كان يدير مكتب الصحافة الخاصة به، مركز الأخبار الوطنية في غزة، وساهم في السي إن إن من خلال مكتب الوطنية للصحافة. درس إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، وكان عضوًا في مجلس إدارة جمعية الصحفيين الفلسطينيين. حصل على عدد من الجوائز لتغطيته حادث الدرة، بما في ذلك جائزة روري بيك في عام 2001، على الرغم من أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين منعوه من السفر إلى لندن لاستلام الجائزة لأسباب أمنية. وفي عام 2008 كتب جيرار جرايزبك، مراسل فرانس2، أن أبو رحمة لم يكن أبدًا عضوًا في جماعة سياسية فلسطينية، فقد اعتقلته الشرطة الفلسطينية مرتين بسبب التقاط الصور التي لم تلق استحسان ياسر عرفات، ولم يسبق أن اتهمته إسرائيل بالانتهاكات الأمنية. واتهم دانيال سيمان، مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي، أبو رحمة في 23 سبتمبر 2007 ب"تنظيم مدبر لمشاهد العمل"، مشيرًا إلى لقطات حادثة الدرة، وفي رسالة موجهة، ذكرت قناة فرانس 2 أن هذا الاتهام كان مليئ بالافتراءات وأنصاف الحقائق. وفي عام 2001 قال طلال أبو رحمة: "وأنا صحفي محترف"، و "لن أفعل ذلك". أنا لن استخدم الصحافة لمثل هذا الغرض ... لأن الصحافة هي ديانتي. الصحافة هي جنسيتي. الصحافة هي لغتي.


من كتب التراجم و الاعلام كتاب بسيط يبدأ باهداء للشهداء ثم سرد لمفهوم الشهداء و صفاتهم .. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

وقعت حادثة قتل الصبي محمد الدرة في قطاع غزة في الثلاثين من سبتمبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. والتقطت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان المراسل بقناة فرنسا 2 مشهد احتماء جمال الدرة وولده محمد البالغ من العمر اثنتي عشرة عامًا، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية. 

وعرضت هذه اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، وبعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه. وبعد تسع وخمسين ثانية من البث المبدئي للمشهد في فرنسا، بتعليق صوتي من رئيس مكتب فرنسا 2 بإسرائيل، شارل إندرلان، الذي لم يشاهد الحادث بنفسه، ولكنه اطلع على كافة المعلومات المتعلقة به، من المصور عبر الهاتف، أخبر إندرلان المشاهدين أن محمد الدرة ووالده كانا "هدف القوات الإسرائلية من إطلاق النيران"، وأن الطفل قد قتل. وبعد التشييع في جنازة شعبية تخلع القلوب، مجّد العالم العربي والإسلامي محمد الدرة باعتباره شهيدًا.

في بادئ الأمر، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحمّلها المسؤولية، كما أبدت إسرائيل في البداية، أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية. وذكر ثلاثة من كبار الصحفيين الفرنسيين الذين شاهدوا لقطات خام في عام 2004، أنه لم يتضح من اللقطات وحدها أن الصبي لقي حتفه، وأن قناة فرانس حذفت عدداً قليلاً من الثواني الأخيرة، والتي يظهر فيها الصبي وهو يرفع يده عن وجهه. 

وفي عام 2005، صرّح رئيس تحرير غرفة الأخبار بالقناة أنه لا يمكن لأحد أن يحدد على وجه اليقين من الذي أطلق النيران، ولكن ذهب معلقون آخرون من بينهم مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي إلى القول أن المتظاهرين الفلسطينين قاموا بتنظيم هذا المشهد. وبعد إجراءات قانونية مطولة، أُدين فيليب كارسنتي، المعلق الإعلامي الفرنسي، بالتشهير بقناة فرانس2، واتهامها بالتلاعب في مادة الفيلم.

حازت لقطة الصبي ووالده على ما أطلق عليه أحد الكتاب "قوة راية المعركة". وطبقًا لما ذكره جيمس فالوز فإن "أقسى إصدار" للقضية من الجانب العربي هو أنه يثبت فرية الدم القديمة، في حين أن "أقسى إصدار" من الجانب الإسرائيلي هو أنه يثبت استعداد الفلسطينيين للتضحية بأطفالهم عمدًا حتى ولو في حرب معادية للصهيونية. 

وقد أدى هذا المشهد إلى سقوط قتلى آخرين. وأنحي باللائمة عليه في إعدام اثنين من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي في رام الله، في أكتوبر 2000، وظل سببًا محفورًا في خلفية العالم، عندما أطاحت القاعدة برأس الصحافي الإسرائيلي-الأمريكي دانيال بيرل، في عام 2002 كتب جيمس فالوز أنه لن تظهر أيه نسخة حقيقية بشأن اللقطات، تصدق بها جميع الأطراف. 

وأطلق تشارلز إندرلان على ذلك "المنظور الثقافي"، الذي يرى خلاله المشاهدون ما يروق لهم رؤيته. أصدرت محكمة الاستئناف بفرنسا حكمها النهائي في قضية التشهير بالقناة الفرنسية في 26 يونيو 2013، حيث أدانت كارسنتي بالتشهير وألزمته محكمة الاستئناف في باريس بدفع غرامة قيمتها 7.000 دولار. 

وجاء الحكم النهائي للمحكمة الفرنسية برفض إصدار كارسنتي، الذي وصف فيه مقتل محمد الدرة بأنه "عملية نظمها المتظاهرون الفلسطينيون".

جمال من مواليد 1966، عاش مع زوجته أمل وأطفالهما السبعة في مخيم البريج للاجئين الذي تديره الأونروا في قطاع غزة. وكان جمال نجارًا ومصممًا للمنازل، وكان يعمل مع موشيه تمام، وهو مقاول عام إسرائيلي، لمدة 20 عامًا. جاءت الكاتبة الإسرائيلية هيلين سكاري موترو للتعرف عليه عندما وظفته للمساعدة في بناء منزلها. وكتبت في عام 2000 عن سنواته التي قضاها وهو يستيقظ في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحًا ليلحق الحافلة إلى المعبر الحدودي في الرابعة، ثم الحافلة الثانية من غزة حتى يتمكن من الوصول إلى العمل قبل السادسة. تم إغلاق الحدود في يوم الحادث بسبب أعمال الشغب، وهذا هو سبب عدم تواجد جمال في مكان العمل. محمد وهو من مواليد 1988، كان طالبًا بالصف الخامس الابتدائي، ولكن تم إغلاق المدرسة في ذلك اليوم بسبب الاحتجاجات. وقالت والدته إنه كان يشاهد الاحتجاجات في التلفزيون ويسأل عما إذا كان يمكنه الانضمام إليها. قرّر الأب وابنه بدلًا من ذلك أن يذهبا إلى مزاد للسيارات، وذلك وفقًا لما ذكره جمال في المقابلة التي أجراها معه طلال أبو رحمة بعد يوم من إطلاق النار.

الإعلاميون
شارل إندرلان
ولد شارل إندرلان في عام 1945 في باريس. انتقل إلى القدس في عام 1968 وبسبب كونه يهودي، أصبح مواطنًا إسرائيليًا. وذكر إنه بدأ العمل بالصحافة في عام 1971، وبعد دراسة السينما والتلفزيون بدأ العمل لصالح قناة فرانس 2، وذلك في عام 1981، ليصبح رئيس مكتبها في إسرائيل في عام 1990. وهو مؤلف العديد من الكتب حول الشرق الأوسط، ويحظى باحترام كبير داخل المؤسسة الفرنسية. وهو متزوج من دانييل كريجيل، ابنة المؤرخ آني كريجيل، وابنة عم الفيلسوف بلاندين كريجيل، مساعد الرئيس السابق جاك شيراك. أثناء قضية تشهير 2006، المرفوعة ضد فيليب كارسنتي، الذي تزعم وقوع الحادث بتدبير من المتظاهرين الفلسطينيين (انظر أدناه)، استقبل إندرلان رسالة من شيراك، كتب فيها عبارات تؤكد نزاهته. وفي أغسطس 2009 تم منحه أعلى وسام في فرنسا، وسام جوقة الشرف من رتبة فارس.

كتبت الصحفية آن اليزابيث موتيه أن تغطية إندرلان للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني معرضة للانتقاد على نحو مستمر داخل إسرائيل. فهو لم ينتج فقط سلسلة وثائقية بشأن اتفاقيات أوسلو ومحادثات كامب ديفيد لعام 2000، ولكنه رتب إجراءات محادثات السلام بين الأطراف المعنية في مكتب فرانس2 باعتباره أرض محايدة. وبلغ هذا الانتقاد ذروته في عام 2008 حتى طالب مركز القانون الإسرائيلي المحكمة بإبطال أوراق اعتماده بالصحافة الإسرائيلية ولكن جاء ذلك دون جدوى. ومثلما فعل طلال أبو رحمة، أعرب إندرلان عن اندهاشه إزاء الادعاء بأن إطلاق النار كان مزيفًا.

طلال أبو رحمة
عمل طلال حسن أبو رحمة، الذي عاش في غزة، مصورًا حرًا بقناة فرانس 2 منذ عام 1988. كان يدير مكتب الصحافة الخاصة به، مركز الأخبار الوطنية في غزة، وساهم في السي إن إن من خلال مكتب الوطنية للصحافة. درس إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، وكان عضوًا في مجلس إدارة جمعية الصحفيين الفلسطينيين. حصل على عدد من الجوائز لتغطيته حادث الدرة، بما في ذلك جائزة روري بيك في عام 2001، على الرغم من أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين منعوه من السفر إلى لندن لاستلام الجائزة لأسباب أمنية. وفي عام 2008 كتب جيرار جرايزبك، مراسل فرانس2، أن أبو رحمة لم يكن أبدًا عضوًا في جماعة سياسية فلسطينية، فقد اعتقلته الشرطة الفلسطينية مرتين بسبب التقاط الصور التي لم تلق استحسان ياسر عرفات، ولم يسبق أن اتهمته إسرائيل بالانتهاكات الأمنية. واتهم دانيال سيمان، مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي، أبو رحمة في 23 سبتمبر 2007 ب"تنظيم مدبر لمشاهد العمل"، مشيرًا إلى لقطات حادثة الدرة، وفي رسالة موجهة، ذكرت قناة فرانس 2 أن هذا الاتهام كان مليئ بالافتراءات وأنصاف الحقائق. وفي عام 2001 قال طلال أبو رحمة: "وأنا صحفي محترف"، و "لن أفعل ذلك". أنا لن استخدم الصحافة لمثل هذا الغرض ... لأن الصحافة هي ديانتي. الصحافة هي جنسيتي. الصحافة هي لغتي.


من كتب التراجم و الاعلام كتاب بسيط يبدأ باهداء للشهداء ثم سرد لمفهوم الشهداء و صفاتهم ..

شهداء انتفاضة الأقصى



حجم الكتاب عند التحميل : 6.3 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة شهداء انتفاضة الأقصى

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل شهداء انتفاضة الأقصى
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
أحمد محمود محمد القاسم - AHMD MHMOD MHMD ALQASM

كتب أحمد محمود محمد القاسم ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ شهداء انتفاضة الأقصى ❝ ❱. المزيد..

كتب أحمد محمود محمد القاسم